كتاب عقيدة الصدمة ل نعومي كلاين

بلا شك فإن الصدمة تجعل الإنسان يدخل في حالة نفسية غير مستقرة , بالتالي يفقد الإنسان التوازن العقلي والنفسي كذلك , في بعض الأحيان قد يتعمد أحد الأطراف التسبب في صدمة للناس من أجل تحقيق بعض الأهداف التي يصعب عليه تحقيقها في الحالة العادية.

يمكن إستغلال حالة الصدمة عند الأفراد أو المجتمعات ,من أجل الضغط عليهم ودفعهم من أجل تقبل بعض التغييرات أو تقديم تنازلات محددة.

إستخدامات الصدمة

قد لا ينتبه البعض لكن إستخدامات الصدمة كثيرة , بل تستخدم في كل مكان وعلى نطاق مختلف ,على سبيل المثال , لنفترض أن هناك شريكين في عمل ما , فقاما بالاتفاق على تقاسم التكاليف والأعباء , بعد مدة إكتشف أحد الأطراف أنه لا يستطيع تحمل هذه الأعباء أو لأي سبب أخر.

طبعا هو لا يستطيع أن يقول لشريكه أنه منسحب هكذا ببساطة خصوصا إن كان بينهما عقد ما , لكن يمكنه من خلال التفاوض تخفيض الحصة التي يساهم بها , لكن هنا ستواجهه مشكلة ,فمن يضمن أن الطرف الأخر سيقبل بهذا.

لهذا قد يلجأ لإستخدام الصدمة من أجل التأثير على الطرف الأخر ودفعه لتقديم تنازلات , يمكنه مثلا الذهاب إلى شريكه ليحكي له عن الضائقة المالية التي يعاني منها ,وأن عليه ديون كثيرة , ويفكر في التخلي عن المشروع , هنا سيصاب الطرف الأخر بالصدمة ,فهو لن يستطيع إحتمال تكاليف المشروع لوحده , هنا يستغل الطرف الأخر هذه المخاوف , ويطالبه يتخفيظ مساهمته وهنا سيعتبرها الشريك أهون الشرور , وهكذا نرى كيف تم إستخدام الصدمة في التفاوض من أجل التأثير على الطرف الأخر.

الصدمة لا تستخدم فقط من طرف الأفراد , بل أيضا من قبل الدول , هناك أمثلة كثيرة , في بعض الدول ومن أجل تمرير قوانين مثيرة للجدل يصعب تمريرها في الحالات العادية , تقوم هنا أجهزة الإستخبارات بافتعال حوادث ,من شأنها نشر الخوف بين المواطنين , هنا تكون الفرصة سانحة لتمرير قانون أو مشروع ما ,فمن يهتم لهذا القانون فهناك أمور أهم.

رأسمالية الكوارث

المفهوم المركزي للكتاب هو فكرة “رأسمالية الكوارث”. تقول نعومي كلاين أنه في أوقات الأزمات، سواء كانت كوارث طبيعية أو اضطرابات سياسية أو ركود اقتصادي، غالبًا ما تستغل المصالح القوية الصدمة والارتباك لدى السكان المتضررين للدفع بسياسات تخدم أجنداتهم الاقتصادية والسياسية.

السياق التاريخي

يستكشف الكتاب الأمثلة التاريخية لرأسمالية الكوارث، بدءًا من السياسات الاقتصادية المطبقة في تشيلي في ظل نظام أوغستو بينوشيه بعد انقلاب عام 1973. كما يدرس حالات في دول مثل روسيا وجنوب أفريقيا والعراق، حيث تم تنفيذ السياسات النيوليبرالية في أعقاب الأزمات.

دور ميلتون فريدمان ومدرسة شيكاغو

تناقش نعومي كلاين تأثير الاقتصادي ميلتون فريدمان ومدرسة شيكاغو للاقتصاد في تعزيز السياسات الاقتصادية النيوليبرالية. وتجادل بأن أفكارهم كانت بمثابة مخطط للعلاج بالصدمة الاقتصادية المطبق في مختلف البلدان.

الخصخصة وإلغاء القيود التنظيمية

أحد الجوانب الرئيسية لرأسمالية الكوارث هو خصخصة الأصول والخدمات العامة وتحرير الصناعات. ويرى كلاين أن هذه السياسات غالبًا ما تؤدي إلى إثراء الشركات على حساب الجمهور.

المقاومة والبدائل

بينما يقدم الكتاب وجهة نظر نقدية لرأسمالية الكوارث، فإنه يسلط الضوء أيضًا على المقاومة والحركات الاجتماعية التي ظهرت ردًا على هذه السياسات. ويستكشف بدائل النموذج الاقتصادي النيوليبرالي ويدعو إلى اتباع نهج أكثر إنصافًا واستدامة للتنمية الاقتصادية.

نقد أصولية السوق الحرة

تتحدى نعومي كلاين فكرة “أصولية السوق الحرة” وتقول إنها تؤدي في كثير من الأحيان إلى عدم المساواة الاجتماعية، والتدهور البيئي، وتآكل المؤسسات الديمقراطية.

التأثير على السكان الضعفاء

يناقش الكتاب كيف تؤثر رأسمالية الكوارث بشكل غير متناسب على السكان الضعفاء والمهمشين، الذين غالبًا ما يتحملون وطأة العواقب السلبية للسياسات النيوليبرالية.

العولمة والصدمة الاقتصادية

يدرس “عقيدة الصدمة” دور العولمة في نشر السياسات الاقتصادية النيوليبرالية في جميع أنحاء العالم وكيف لعبت المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي دورًا في تعزيز هذه السياسات.

وهكذا تستخدم عقيدة الصدمة من أجل تحقيق المصالح المختلفة وترويض الأفراد والمجتمعات , يعتبر كتاب عقيدة الصدمة للكاتب المميز ناعومي كلاين من أهم الكتب التي تناقش هذا الموضوع , كما أنه يتميز بالبساطة في الأفكار وفي نفس الوقت يقدم مفاهيم كثيرة .


اكتشاف المزيد من كيف عربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

«
»